الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (8): {وَيَتَنَاجَوْنَ} {العدوان} {مَعْصِيَتِ} {جَآءُوكَ} (8)- كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ يَهُودِ المَدِينَةِ مُوَادَعَةٌ، وَكَانَ اليَهُودُ إِذَا مَرَّ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، حَتَّى لَيَظُنَّ المُؤْمِنُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَاجَوْنَ بِقَتْلِهِ، أَوْ بِمَا يَكْرَهُ، فَإِذَا رَأَى المُؤْمِنُ ذَلِكَ خَشِيَهُمْ فَتَرَكَ طَرِيقَهُ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهِ عليه وسلم عَنِ النَّجْوَى فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَعَادُوا إِلى النَّجْوَى، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ يُبَيِّنُ لِرَسُولِهِ مَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ إِنَّهُمْ يَتنَاجَوْنَ بِمَا هُوَ إِثْمٌ فِي نَفْسِهِ، وَبِمَا هُوَ وَبَالٌ عَلَيْهِمْ، وَبِمَا هُوَ تَعَد عَلَى هُوَ تَعَد عَلَى المُؤْمِنينَ، وَتَوَاصٍ بِمُخَالَفَةِ النَّبِيِّ. وَدَخَلَ نَفَرٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ: (وَعَلَيْكُمُ). وَكَانَ هَذَا النَّفَرُ مِنَ اليَهُودِ يَقْصدُ بِقَوْلِهِ هَذَا الإسَاءَةَ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، والدُّعَاءَ عَلَيهِ، فَفَضَحَهُمْ اللهُ، وَكَشَفَ أَسْتَارَهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ، انَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَيُحَدِّثُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنَّ مُحَمَّداً لَوْ كَانَ نَبِيّاً حَقّاً لَعَذَّبَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا بِمَا يَقُولُونَ، لأَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ. وَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ: قَائِلاً إِنَّ جَهَنَّمَ كَافِيَةٌ لِعِقَابِهِمْ وَعَذَابِهِمْ، وَهِيَ بِئْسَ المَقَرُّ وَالمَصِيرُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ. لَوْلا يُعَذَّبُنَا- هَلا يُعَذِّبُنَا. حَسْبُهُمْ جَهَنتَّمُ- كَافِيهِمْ جَهَنَّمُ عَذَاباً. يَصْلَوْنَهَا- يَدْخُلُونَهَا أَوْ يُقَاسُونَ حَرَّهَا. .تفسير الآية رقم (9): {آمنوا} {تَنَاجَيْتُمْ} {تَتَنَاجَوْاْ} {العدوان} {مَعْصِيَتِ} {تَنَاجَوْاْ} (9)- وَيُؤدِّبُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ لِئلا يَكُونُوا كَالكَفَرَةِ وَالمُنَافِقِينَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فِي أَنْدِيتكُمْ وَخَلواتِكُمْ، فَلا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أُولَئِكَ الكُفَّارُ، مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَمَنْ وَالاهُمْ عَلَى ضَلالِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ، وَتَنَاجَوا بِمَا هُوَ خَيْرٌ، وَاتَّقُوا اللهَ فِيمَا تَفْعَلُونَ وَفِيمَا تَذُرُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيهِ تُحْشَرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ سَيُحَاسِبُكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ. .تفسير الآية رقم (10): {الشيطان} {آمَنُواْ} (10)- إِنَّما التَّنَاجِي بِالإِثْمِ وَالعُدْوَانِ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَتَزْيِينِهِ، والشَّيْطَانُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَحْزُنَ الذِينَ آمَنُوا بإِيهَامِهِمْ أَنَّ هَذِهِ النَّجْوَى تَضُرُّهُمْ، وَلَكِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَضُرُّ المُؤْمِنِينَ شَيْئاً، إِلا بِإِرَادَةِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ، فَعَلَى المُؤْمِنِينَ أَلا يَهْتَمُّوا بِنَجْوَى الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ، وَلْيَتَوَكَّلُوا عَلَى اللهِ. وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَ اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ إِلا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْزُنُهُ». البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. إِنَّمَا النَّجْوَى- المَنْهِيُّ عَنْهَا. لِيَحْزُنَ- لِيُوقِعَ الهَمَّ الشَّدِيدَ. .تفسير الآية رقم (11): {ياأيها} {آمَنُواْ} {المجالس} {دَرَجَاتٍ} (11)- رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ، وذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَأَوا أَحَدَهُمْ مُقْبِلاً ضَنُّوا بِمَجَالِسِهِمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُمُ اللهُ بِأَنْ يُفْسِحَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصُّفَّةِ، وَفِي المَكَانِ ضِيقٌ. وَكَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يُكْرِمُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَجَاءَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ غَيْرُهُمْ إِلَى المَجْلِسِ، فَقَامُوا حِيَالَ رَسُولِ اللهِ، فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِم النَّبِيُّ. ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى القَوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَامُوا حِيَالَ الرَّسُولِ، فَلَمْ يُفْسَحْ لَهُمْ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأًنْصَارِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَدْرٍ: قُمْ يَا فُلانُ وَأَنْتَ يَا فُلانُ... فَلَمْ يَزَلْ يُقِيمُهُمْ بِعِدَّةِ النَّفَرِ الذِينَ هُمْ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أُقِيمَ مِنْ مَجْلِسِهِ. وَعَرَفَ النَّبِيُّ الكَرَاهَةَ فِي وُجُوهِهِمْ. وَأَرْجَفَ المُنَافِقُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: رَحِمَ اللهُ رَجُلاً يُفْسِحُ لأَخِيهِ، فَجَعَلُوا يَقُومُونَ بَعْدَ ذَلِكَ سِرَاعاً فَيُفْسِحُ القَوْمُ لإِخْوَانِهِمْ. وَيُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَوَسَّعُوا فِي المَجَالِسِ: مَجَالِسِ رَسُولِ اللهِ، أَوْ فِي مَجَالِسِ القِتَالِ، فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ فِي مَنَازِلِكُمْ فِي الجَنَّةِ، وَإِذَا دُعِيتُمْ إِلَى القِيَامِ مِنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللهِ فَقُومُوا (انْشُزُوا)، لأَنَّ الرَّسُولَ كَانَ يُؤْثِرُ الانْفِرَادَ لِتَدْبِيرِ شؤونِ المُؤْمِنِينَ. (وَلا يَنْبَغِي لِقَادِمٍ أَنْ يُقِيمَ أَحَداً مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ). وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لا يُقِمِ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا». البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَإِذَا انْفَسَحَ المُؤْمِنُونَ وَنَشَزُوا، امْتِثَالاً لأَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ اللهَ يَرْفَعُهُمْ، وَيَرْفَعُ الَعالِمِينَ مِنْهُمْ خَاصَّةً، دَرَجَاتٍ كَثِيرَةً فِي الثَّوَابِ وَالمَنْزِلَةِ، وَاللهُ خَبِيرٌ بِأَعْمَالِ العِبَادِ، لا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ. تَفَسَّحُوا في المَجَالِس- تَوَسَّعُوا فِيهَا وَلا تَضَامُّوا. انْشُزُوا- انْهَضُوا للتَّوْسِعَةِ أَوْ لِعِبَادَةٍ أَوْ خَيْرٍ. .تفسير الآية رقم (12): {ياأيها} {آمَنُواْ} {نَاجَيْتُمُ} {نَجْوَاكُمْ} (12)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ الذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَدِّثُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، (أَيْ مُسَارَّةً)، أَنْ يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ، وَتُؤهِّلُهُمْ لِبُلَوغِ هَذَا المُقَامِ، وَفِي تَقدِيمِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيْ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ثَوَابٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ، وَتَزْكِيَةٌ لِلنُّفُوسِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ، مَنْ يُرِيدُ مُنَاجَاةَ الرَّسُولِ، مِمَّنْ يَمْلِكُونَ شَيْئاً يَسْتَطِيعُونَ التَّصَدُّقَ بِهِ فَلا حَرَجَ عَلَيهِ إِذَا لَمْ يَتَصَدّقْ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ السُّؤَالِ فَقَدْ سَأَلَهُ قَوْمٌ حَتَّى شَقُّوا عَلَيهِ، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ. .تفسير الآية رقم (13): {أَأَشْفَقْتُمْ} {نَجْوَاكُمْ} {صَدَقَاتٍ} {الصلاة} {آتُواْ الزكاة} (13)- أَبَخِلْتُمْ بِالمَالِ أَنْ تُنْفِقُوهُ فِي سَبْيلِ اللهِ، وَخِفْتُم الفَقْرَ إِنْ قَدَّمْتُمُ الصَّدَقَاتِ، وَوَسْوَسَ إِلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ هَذَا الإِنْفَاقَ فِيهِ ضَيَاعٌ لِلْمَالِ؟ فَمَا دُمْتُمْ لَمْ تُنْفِقُوا المَالَ، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فَقَدْ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ، وَرَخَّصَ لَكُمْ بِالمُنَاجَاةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِمِةِ صَدَقَاتٍ، فَتَدَارَكُوا ذَلِكَ بِالمُثَابَرَةِ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاةِ عَلَى وَجْهِهَا الأَكْمَلِ، وَعَلَى دَفْعِ الزَّكَاةِ عَنْ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا اللهَ فِيمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ هُوَ وَرَسُولُهُ، وَانْتَهُوا عَمَّا يَنْهَاكُمْ عَنْهُ، وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا يَعْمَلُهُ العِبَادُ، وَسَيُحَاسِبُهُمْ عَلَيْهِ. أَأَشْفَقْتُمْ- أَخِفْتُم الفَقْرَ وَالعَيلَةَ. تَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ- خَفّفَ عَنْكُمْ بِنَسْخِ حُكْمِهَا. .تفسير الآية رقم (14): (14)- يُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى المُنَافِقِينَ مُوَالاتَهُمْ لِلْيَهُودِ، وَمُنَاصَحَتَهُمْ إِيَّاهُمْ، وَنَقْلَهُمْ أَسْرَارَ المُؤْمِنينَ إِلَيهِمِ. فَيَقُولُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ مَا مَعْنَاهُ: أَلا تَرَى إِلَى حَالِ هَؤُلاءِ المُنَاقِقِينَ، الذِينَ يَتَوَلَّوْنَ اليَهُودَ، الذِينَ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ، لِكُفْرِهِمْ، وَلِكِتْمَانِهِمْ رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ الحَقُّ الذِي يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، إِنَّهَا لَحَالٌ تُثِيرُ العَجَبَ. فَهُمْ يُنَاصِحُونَ اليَهُودَ، وَيُبَلِّغُونَهُمْ جَميِعَ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ دَخَائِلِ المُسْلِمِينَ، اكْتِسَاباً لِوِدِّهِمْ وَصَدَاقَتِهِمْ، وَهُمْ مَعَ المُؤْمِنينَ، يَتَظَاهَرُونَ بِالإِيْمَانِ، وَبِالإِخْلاصِ لِلإِسْلامِ وَالمُسْلِمِينَ. ثُمَّ يُخْبِرُ تَعَالَى: أَنَّ هَؤُلاءِ المُنَافِقِينَ لَيْسُوا فِي الحَقِيقَةِ وَالوَاقِعِ مِنَ المُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنينَ لَطَبَعَ الإِيْمَانُ أَعْمَالَهُمْ. وَلَمَا وَالَوا اليَهُودَ أَعْدَاءَ اللهِ، وَهُمْ فِي نَفْسِ الوَقْتِ لَيْسُوا مِنَ اليَهُودِ، لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ فِي دِينِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْتَفِظُوا بِمَودَّتِهِمْ، فَقَدْ يَحْتَاجُونَ إِلَيهَا، إِذَا دَارَتِ الدَّائِرَةُ عَلَى المُؤْمِنِينَ. وَيُؤْكِّدُ هَؤُلاءِ المُنَافِقُونَ إِيمَانَهُمْ وَإِخْلاصَهُمْ، أَمَامَ الرّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَامَ المُؤْمِنينَ، بِحَلْفِ الأَيْمَانِ الكَاذِبَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُخْلِصُونَ فِيمَا يَقُولُونَ، وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَ، لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ صِدْقَهُ. تَوَلَّوْا قَوْماً- اتَّخَذُوا اليَهُودَ أَوْلياءَ. غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ- هُمُ اليَهُودُ. .تفسير الآية رقم (15): (15)- وَقَدْ هَيأَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً يَصْلَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مُعَادَاةِ الرَّسُولِ وَالمُؤْمِنينَ وَغِشِّهمْ، وَعَلَى مُوَالاتِهِم الكُفَّارَ وَمُنَاصَحَتِهِمْ، وَسَاءَ عَمَلُهُمْ هَذَا. .تفسير الآية رقم (16): {أَيْمَانَهُمْ} (16)- أَظْهَرُوا الإِيْمَانَ، وَأَبْطَنُوا الكُفْرَ، وَتَسَتَّرُوا بِالإِيْمَانِ الكَاذِبِ، فَظَنَّ مَنْ لا يَعْرِفُ حَقيقَةَ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ، فَاغْتَرَّ بِهِمْ، وَتَمَكَّنُوا بِذَلِكَ مِنْ صَدِّ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ عَنِ الدُّخُولِ فِي الإِسْلامِ، فَلهُمْ عِنْدَ اللهِ عَذَابٌ مُهِينٌ مُذِلٌّ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَعَلَى حَلْفِهِمْ بِاسْمِ اللهِ العَظِيمِ كَذِباً وَرِيَاءً. جُنَّةً- وِقَايَةً لأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. .تفسير الآية رقم (17): {أَمْوَالُهُمْ} {أَوْلادُهُمْ} {أولئك} {أَصْحَابُ} {خَالِدُونَ} (17)- وَلَنْ يَنْفَعَ هَؤُلاءِ المُنَافِقِينَ عِنْدَ اللهِ شَيءٌ مِمَا ظَنُّوهُ نَافِعاً لَهُمْ مِنْ مَالٍ وَمِنْ وَلَدٍ، وَلَنْ يَدْفَعَ شَيءٌ عَنْهُمْ عَذَابَ اللهِ وَنَقْمَتَهُ، فَلا المَالُ مَقْبُولٌ مِنْهُمْ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنَ العَذَابِ، وَلا الأَوْلادُ قَادِرُونَ عَلَى نَصْرِهِمْ مِنْ بَأْسِ اللهِ، وَسَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِ نَارِ جَهَنَّمَ وَمِنْ أَصْحَابِهَا، وَيَبْقَونَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبَداً. لَنْ تُغْنِيَ- لَنْ تَنْفَعَ وَلَنْ تَدْفَعَ. .تفسير الآية رقم (18): {الكاذبون} (18)- وَاذْكُرْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ حَالَهُمْ، يَوْمَ القِيَامَةِ، حِينَمَا يَبْعَثُهُم اللهُ جَمِيعاً مِنْ قُبُورِهِمْ، فَلا يُغَادِرُ مِنْهُمْ أَحَداً، فَيَحْلِفُونَ لَهُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الهُدَى، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُشْرِكُوا بِعِبَادَتِهِ شَيئاً، فَيَقُولُونَ {والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ اليَوْمَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ حَلْفَهُمْ أَمَامَ اللهِ نَافِعُهُمْ عِنْدَهُ، كَمَا كَانَ يَنْفَعُهُمْ عِنْدَ العِبَادِ حَلْفُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ. وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هَؤُلاءِ المُنَافِقِينَ مُنْكِراً تَصَرُّفَهُمْ هَذَا، فَيَقُولُ: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الكَاذِبُونَ فِيمَا يَحْلِفُونَ عَلَيْهِ، وَفِيمَا يَظُنُّونَهُ مِنْ أَنَّ أَيْمَانَهُمُ الكَاذِبَةَ تَرُوجُ عِنْدَ اللهِ، وَتُنْقِذُهُمْ مِنْ بَأْسِ اللهِ وَعَذَابِهِ.
|